التعليم.. حقٌّ مفقود في الشمال السوري
يواجه التعليم في مناطق الشمال السوري تحديات ومصاعب متعددة رغم الجهود التي تبذل في سبيل توفيره.
تأثر قطاع التعليم بشكل كبير نتيجةً لتدمير البنى التحتية وأبرزها المدارس، الأمر الذي أدّى إلى كارثة تهدّد مستقبل أجيالٍ عديدة.
وفي وقت سابق، ذكرت الأمم المتحدة في تصريح لها حول التعليم بمناطق الصراع: “إنّ نسبة الطلاب السوريين غير الملتحقين بالتعليم نتيجة قصف “النظام” للمدارس بلغت 39%”.
مدارس مدمّرة وبنية تعليمية هشّة
أصبح التعليم وإعادة افتتاح المدارس أحد أهم أولويات العمل الإنساني، لكن الحرب كانت كفيلة بإفشال تلك الجهود ليصبح الذهاب إلى المدرسة مجازفة بالأرواح ومخاطرة كبر،أدى ذلك إلى تراجع الأهالي عن إرسال أبنائهم إلى المدارس خوفاً على حياتهم، مما تسبب في موجات النزوح المتكررة بحثاً عن فرصٍ تعليمية مناسبة.
وأقرب شاهد على ذلك، مجزرة مدرسة “حاس” بريف ادلب الجنوبي، والتي أدت لمقتل مجموعة من الأطفال طلاب المدرسة وسببت ذعراً كبيراً لدى الأهالي.
فقدان المرجعية وعدم التنظيم
بينما يرى خبراء أن سبب تراجع التعليم في زمن الحرب يعود إلى أن المدارس التي افتتحت وأعيد تأهيلها لم ترقى للمستوى المطلوب، بالإضافة لعدم التزام الأهالي بإرسال أبنائهم إلى المدارس، نتيجةً للقصف المتواصل وحالات النزوح والهجرة لمعظم المعلّمين والطلاب.
وفي نفس السياق يؤكد الخبراء على أنّ تفاوت المرتبات وأجور العاملين بين المدارس التابعة للمنظمات الدولية وبين المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم الحرّة، شكل سبباً إضافياً في هذا التراجع، في الوقت الذي يتقاضى فيه المعلمون في مدارس المنظمات الدولية راتباً يتراوح بين 300 – 400 دولار، كان راتب المدرس في وزارة التعليم التابعة للحكومة المؤقّتة، لا يتجاوز 80 دولاراً وربّما أقلّ، بينما يعمل أكثر من 5000 مدرّس في الشمال السوري بشكل تطوعي كامل.
90% من مخيمات الشمال بلا مدارس!
تشير التقديرات إلى أن مخيمات الشمال السوري تفتقر إلى المدارس داخلها، ففي مخيمات الشمال السوري البالغ عددها أكثر من 1302 مخيم ، هناك 175 مدرسة فقط ! . وتغيب المدارس عن أكثر من 1100 مخيم آخر، ويتكبد الطلبة فيها مشقة الذهاب إلى مخيمات أخرى للتعلم أو إلى القرى والمدن المجاورة.
مركز هذه حياتي التعليمي .. حلٌّ لعشرات الطلاب
سعياً منها للحفاظ على توفير حق التعليم لطلاب الشمال السوري ضمن بيئة دراسية ملائمة، قامت منظمة هذه حياتي بافتتاح المركز التعليمي في مدينة إدلب مطلع العام 2021، ويضم المركز 7 معلمين وأكثر من 150 طالب وطالبة معظمهم من طلاب المرحلة الثانوية المنقطعين عن التعليم، في محاولةٍ لتعويضهم المراحل المفقودة من حياتهم التعليمية نتيجة الظروف المحيطة.
وقام المكتب التعليمي في المجموعة بتوسعة جديدة عبر إضافة 5 قاعات ليصبح المركز يضم 8 قاعات دراسية قادرة على استيعاب 200 طالب بدءاً من العام الدراسي الجديد، بينما ينظر المجتمع المحلي في الشمال السوري لهذه التجربة على أهميتها في تعويض طلاب الثانوية الكثير من المعلومات التي فقدوها نتيجة الانقطاع في أحد مراحلهم الدراسية.
طريق تحقيق الأحلام يبدأ من التعليم
من منا لا يملك حلما او هدفا يسير في طريق تحقيقه، وكانت هدى إحدى الحالمات في مركز الحياة التعليمي وكان حلمها إكمال المرحلة الثانوية ومن ثم بدء رحلتها الجامعية، بعد أن أعاقت ظروف الحرب طريقها وحرمتها من حقها في التعليم، ما أدّى إلى تأخرها عن تحقيق حلمها سنين طويلة،إلى أن انطلقت نشاطات المركز التعليمي في الشمال السوري، وهنا سارعت هدى لتكون أولى الطلاب المنقطعين عن التعليم وسجلت في المركز، واستطاعت إكمال الطريق الذي رسمته لتحقيق أحلامها وتفوقت على أقرانها واجتازت المرحلة الثانوية، وبدأت التحضير للدراسة الجامعية.
ولا يزال هناك الكثير من المنقطعين عن التعليم في مناطق الصراعات والنزاعات بانتظار إتاحة الفرصة المناسبة ليكملوا طريقهم الذي قَطع بسبب تداعيات الحرب.
تبرع لصندوق “علمني” واكفل طالب علم.